سورة غافر - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (غافر)


        


قوله عز وجل: {وما يستوي الأعمى والبصير} أي الجاهل والعالم {والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء} أي لا يستوون {قليلاً ما تتذكرون إن الساعة} يعني القيامة {لآتية لا ريب فيها} أي لا شك في قيامها ومجيئها {ولكن أكثر الناس لا يؤمنون} أي لا يصدقون بالبعث بعد الموت، قوله تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} أي اعبد وني دون غيري أجبكم وأثبكم وأغفر لكم فلما عبر عن العبادة بالدعاء جعل الإثابة استجابة عن النعمان بن بشير قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر «الدعاء هو العبادة» ثم قرأ: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} أخرجه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من لم يسأل الله يغضب عليه» أخرجه الترمذي وقال حديث غريب عن أنس بن مالك قال: «الدعاء مخ العبادة» أخرجه الترمذي وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس شيء أكرم على الله من الدعاء» أخرجه الترمذي وقال حديث غريب؛ فإن قلت كيف قال ادعوني أستجب لكم وقد يدعو الإنسان كثيراً فلا يستجاب له، قلت الدعاء له شروط منها الإخلاص في الدعاء وأن لا يدعو وقلبه لاه مشغول بغير الدعاء وأن يكون المطلوب بالدعاء مصلحة للإنسان وأن لا يكون فيه قطيعة رحم فإذا كان الدعاء بهذه الشروط كان حقيقاً بالإجابة فإما أن يعجلها له وإما أن يؤخرها له يدل عليه ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما من رجل يدعو الله تعالى بدعاء إلا استجيب له فإما أن يعجل له به في الدنيا وإما أن يدخر له في الآخرة وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم أو يستعجل قالوا يا رسول الله وكيف يستعجل قال يقول دعوت ربي فما استجاب لي» أخرجه الترمذي وقال حديث غريب وقيل الدعاء هو الذكر والسؤال {إن الذين يستكبرون عن عبادتي} أي عن توحيدي وقيل دعائي {سيدخلون جهنم داخرين} أي صاغرين ذليلين.


قوله عز وجل: {الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه} أي لتحصل لكم الراحة فيه بسبب النوم والسكون {والنهار مبصراً} أي لتحصل لكم فيه مكنة التصرف في حوائجكم ومهماتكم {إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون ذلكم الله ربكم} أي ذلكم المميز بالأفعال الخاصة التي لا يشاركه فيها أحد هو الله ربكم {خالق كل شيء لا إله إلا هو} أي هو الجامع لهذه الأوصاف من الإلهية والربوبية وخلق الأشياء كلها وأنه لا شريك له في ذلك {فأنى تؤفكون} أي فأنى تصرفون عن الحق {كذلك} أي كما أفكنتم عن الحق مع قيام الدلائل كذلك {يؤفك الذين كانوا بآيات الله يجحدون الله الذي جعل لكم الأرض قراراً} أي فراشاً لتستقروا عليها وقيل منزلاً في حال الحياة وبعد الموت {والسماء بناء} أي سقفاً مرفوعاً كالقبة {وصوركم فأحسن صوركم} أي خلقكم فأحسن خلقكم قال ابن عباس خلق ابن آدم قائماً معتدلاً يأكل ويتناول بيده وغير ابن آدم يتناول بفيه {ورزقكم من الطيبات} قيل هو ما خلق الله تعالى لعباده من المأكل والمشرب من غير رزق الدواب {ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين هو الحي} وهذا يفيد الحصر أي لا حي إلا هو فوجب أن يحمل ذلك على الذي يمتنع أن يموت امتناعاً تاماً ثابتاً وهو الله تعالى الذي لا يوصف بالحياة الكاملة إلا هو، والحي هو المدرك الفعال لما يريد وهذه إشارة إلى العلم التام والقدرة التامة ولما نبه على هذه الصفات نبه على كمال الوحدانية بقوله: {لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين} أي فادعوه واحمدوه، قال ابن عباس من قال لا إله إلا الله فليقل على أثرها الحمد لله رب العالمين {قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله لما جاءني البينات من ربي وأمرت أن أسلم لرب العالمين} وذلك حين دعي إلى الكفر أمره الله تعالى أن يقول ذلك.
قوله تعالى: {هو الذي خلقكم من تراب} يعني أصلكم آدم وقيل يحتمل أن كل إنسان خلق من تراب لأنه خلق من النطفة وهي من الأغذية والأغذية من النبات والنبات من التراب {ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلاً ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخاً} يعني أن مراتب الإنسان بعد خروجه من بطن أمه ثلاث الطفولية وهي حالة النمو والزيادة إلى أن يبلغ كمال الأشد من غير ضعف ثم يتناقص بعد ذلك وهي الشيوخة {ومنكم من يتوفى من قبل} أي من قبل أن يصير شيخاً {ولتبلغوا} أي جميعاً {أجلاً مسمى} أي وقتاً محدود لا تجاوزونه يعني أجل الحياة إلى الموت {ولعلكم تعقلون} أي ما في هذه الأحوال العجيبة من القدرة الباهرة الدالة على توحيده وقدرته {هو الذي يحيي ويميت فإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون} أي يكونه من غير كلفة ولا معاناة ولا تعب وكل ذلك من كمال قدرته على الإحياء والإماتة وسائر ما ذكر من الأفعال الدالة على قدرته كأنه قال من الاقتدار إذا قضى أمراً كان أهون شيء وأسرعه.
قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله} يعني القرآن {أنى يصرفون} أي عن دين الحق وقيل نزلت في القدرية.


{الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون} فيه وعيد وتهديد ثم وصف ما أوعدهم به فقال تعالى: {إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون} يعني يجرون بتلك السلاسل {في الحميم ثم في النار يسجرون} يعني توقد بهم النار {ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون من دون الله} يعني الأصنام {قالوا ضلوا عنا} أي فقدناهم فلم نرهم {بل لم نكن ندعوا من قبل شيئاً} قيل إنهم أنكروا عبادتها، وقيل لم نكن ندعوا شيئاً ينفع ويضر، وقيل ضاعت عبادتنا لها فكأنا لم نكن ندعو من قبل شيئاً {كذلك يضل الله الكافرين} أي كما أضل هؤلاء {ذلكم} أي العذاب الذي نزل بكم {بما كنتم تفرحون} أي تبطرون وتأشرون {في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون} أي تختالون وتفرحون به {ادخلوا أبواب جهنم} يعني السبعة {خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين} يعني عن الإيمان.
قوله تعالى: {فاصبر إن وعد الله حق} الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم أي بنصرك على الأعداء {فإما نرينك بعض الذي نعدهم} أي من العذاب في حياتك {أو نتوفينك} أي قبل أن يحل ذلك بهم {فإلينا يرجعون ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك منهم من قصصنا عليك} أي خبره وحاله في القرآن {ومنهم من لم نقصص عليك} أي لم نذكر لك حال الباقين منهم وليس منهم أحد إلا أعطاه الله تعالى آيات ومعجزات، وقد جادله قومه وكذبوه فيها وما جرى عليهم يقارب ما جرى عليك فصبروا وهذا تسلية لنبيه صلى الله عليه وسلم {وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله} يعني بأمره وإرادته {فإذا جاء أمر الله} أي قضاؤه بين الأنبياء والأمم {قضي بالحق} يعني بالعدل {وخسر هنالك المبطلون} يعني الذين يجادلون في آيات الله بغير حق وفيه وعيد وتهديد لهم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6